أمة ألعرب وأمريكا الإنسانية بأمتياز

الدكتور خضير المرشدي

عندما كنت أستمع الى المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الخارجية الأمريكي مساء يوم الاثنين ، وتحدث فيه حول الوضع في سوريا ، ظهر هذا الوزير حزينا متجهما ويقطر قلبه دما !! بسبب ما تعرضت له العوائل السورية المنكوبة في الغوطة الشرقية في دمشق ، وأخذ يصف الحدث كما رآه العالم وبطريقة تراجيدية مبكية ، ليعبر من خلال ذلك عن النظرة ( الإنسانية العالية ) بامتياز التي تتصف بها الإدارة الأمريكية واداراتها المتتالية ، وحرصها الشديد على احترام حقوق الإنسان في كل بقاع الارض ، والعمل على ضمان حريته وعيشه الكريم حيثما كان ، ومهما كان !!!!!! ؟؟؟؟؟

أمام هذا المشهد السوري الذي يندى له جبين الانسانية ، وتنحني امام شهقات الاطفال وهم يلفظون انفاسهم الاخيرة ، رقاب وهامات كل طواغيت الارض ، ويلين له الصخر ، وسيلعن التاريخ كل من تسبب بهذه الكارثة وما سبقها من كوارث حرقت الارض والبشر والعمران … !!! وفي جميع مناطق ومدن سوريا الشقيقة بدون استثناء ؟

أمام ذلك كله وفي مجرى حديث الوزير الأمريكي … فقد مر بخاطري وأمام عيني تلك الصور الحية التي حفرت أخدودا في ضمير الإنسانية ، وكانت وستبقى وصمة عار في جبينها ، تلك الجرائم الكبرى التي ارتكبتها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها ضد أبناء شعبي وبلدي من العراقيين النجباء ، والذين دفنوا أحيانا تحت أنقاض بيوتهم التي هدمتها الطائرات والصواريخ الأمريكية على رؤوسهم ، وتلك الاجساد الشريفة البريئة التي تقطعت اربا اربا وأحرقت بفضل الانسانية الامريكية وحلفاءها من دول الاقليم والعالم ،،،!! والله لقد مر أمام عيني ذلك المشهد الرهيب لملجأ العامرية وهو يحترق بصواريخ أميريكا التي صنعت خصيصا لقتل العراقيين وهم في الملاجيء التي ينبغي أن تكون آمنة في أخلاقيات وأعراف الحروب !!!!

ولعل الضمير الحي لاحرار العالم يتذكر تلك الاجساد الغضة الرقيقة الشريفة وهي تتسامى وتتبخر وقد أفنيت فيه عوائل بأكملها .. !!!! وكان فاجعة العصر بامتياز ، وهل ينسى ذلك اليوم الأسود بوجه اميريكا ومن عاونها ؟؟ ، انه يوم ١٣ شباط ١٩٩١ ،،،، !!!

وأنا أتابع وزير اميريكا (الإنسانية ) الحزين المتجهم … في مؤتمره الصحفي ،، كنت أتذكر مئات الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها المجرم بوش وإدارته ضد العراق منذ عام ١٩٩١ وحتى الآن … وتلك الكوارث التي تسبب بها عند عدوانه واحتلاله وتدميره للعراق … وعن ماذا يمكن للمرء ان يتحدث عن اليورانيوم المنضب وهو سلاح نووي الذي شوه الخلق ، ولوث البيئة ، أم عن الفسفور الأبيض وهو سلاح كيمياوي الذي قطع النسل ونشر المرض المميت ؟؟

أم عن القنابل العنقودية التي رميت في شوارع بغداد وقطعت أيدي وأرجل ورؤوس الأبرياء ، أم عن صواريخ كروز وتوماهوك الذكية ، أم عن مئات الآلاف من أطنان القنابل التي قتلت وعوقت الملايين من أبناء العراق …. !!!! عن ماذا نتحدث ؟؟ عن الحصار الرهيب الذي فرضته اميريكا وحلفاءها على العراق ظلما وعدوانا والذي أدى لقتل أكثر من مليون وسبعمائة ألف عراقي !!!

نتحدث عن التعذيب والاغتصاب وانتهاك الشرف والحقوق في ابو غريب وغيره من سجون أميركا وعملاءها …؟؟؟

عن ماذا نتحدث ؟؟ عن جرائم أميركا في غير منطقة وبقعة من العالم قد قصدتها آلة الحرب الأمريكية وفي كل قارات الأرض ، احتلال وغزوا وقتلا ودمارا ؟؟

يالها من وقاحة في المنطق والحديث والرؤية ، ويالها من مسرحيات تراجيدية هزلية ، تلك التي يتباكى بها الأمريكان على حقوق الإنسان ، والانسان العربي حصرا ، بل والانسان غير الاميريكي ،،، وهل أن قدر سوريا الحبيبة قد جاء لتقتل كما هي شقيقتها في العراق ؟؟؟

ولكن عجبي كل العجب ،،، واستنكاري أشد الاستنكار ، وادانتي بأعمق الادانة لاصوات نشاز تدعي الوطنية والانتماء والشرف ،، وتدعو وتصفق وتهلل وتتوسل لتدخل هؤلاء القتلة في العدوان على أمتي وقتل شعبي ،،، في اي من اقطارها العزيزة !!! وهل يعتقد هؤلاء بأن أميريكا وحلفاءها ستتوانى في التدمير والخراب ،، وبمبرر الخلاص من الحكام الذين للأسف لم يحسبوا الغلبة الا في التمسك بكرسي الحكم ،، وسحق من يعترض من شعبهم !! حتى وان حدث الجحيم … وضاعت الأوطان ؟؟؟

ولكن دعوني اعترف إن اللوم وإلقاء التهم ، وتحميل المسؤوليات لامكان له في اللحظات الفاصلة من تاريخ الشعوب !!

و أعترف أيضا ايها الاحبة واسمحوا لي أن أقول ، أنها مشاعر إنسان عربي أحب امته وشعبه ، وكره الموت فيهما ..

ولكن هل يصح أن نتحدث بمشاعر فقط ، لطالما أنها موجودة … ولكنها لم تغير من الواقع شيئا !!!!