المعلم الاول .. هكذا اطلق عليه العرب.

كان تلميذآ في أكاديمية أفلاطون لاكثر من عشرين سنة.

لم يكن من اثينا بل من مقدونيا وكان ابوه طبيبآ معروفآ وعالمآ.

التحق بأكاديمية أفلاطون عندما كان عمر افلاطون واحد وستون عامآ.

على عكس افلاطون وتركيزه على عالم الافكار، كان أهتمام ارسطو في الطبيعة الحية واول من ارسى قواعد علم الاحياء في اوربا وآخر فيلسوف في اليونان.

لقد ادار افلاطون ظهره لعالم الحواس ليذهب بعيدآ الى ماوراء كل مايحيط بنا.

بينما فعل ارسطو العكس.

لقد انحنى على يديه ورجليه ليدرس الاسماك والضفادع والورد والبنفسج.

أستخدم افلاطون عقله فحسب بينما استعمل ارسطو حواسه ايضآ.

كذلك الفرق واضح بين اسلوبيهما في الكتابة، حيث كان افلاطون شاعرآ ومبدع اساطير بينما تتسم كتابات ارسطو بالجفاف والوصفية كأنها قاموس، كما ان اغلب كتاباته تستند الى ابحاث ميدانية.

لقد اسس ارسطو مناهج ونظم مختلف العلوم، والثقافة الاوربية مدينة له بتكوين لغة علمية خاصة بكل علم.

فلسفة ارسطو

يرى افلاطون ان اعلى درجات الواقع تتألف مما “نفكر” بواسطة عقولنا.

بينما يرى ارسطو ان أعلى درجات الواقع هي بالتأكيد ما “ندركه” بواسطة حواسنا.

افلاطون يرى ان كل ما حولنا ليس الا انعكاسآ لشيء ما في عالم الافكار وبالتالي في النفس الانسانية.

بينما يرى ارسطو العكس.

أن ماهو موجود في النفس البشرية ليس الا انعكاسآ لاشياء الطبيعة، فالطبيعة وحدها هي ما يشكل العالم الحقيقي.

وبحسب ارسطو فأن ما من شيء يمكن أن يوجد في الوعي قبل أن تركه الحواس.

فكل افكارنا تجد أصلها فينا نرى ونسمع ولاينكر ابدآ العقل في الانسان ويعتبره العلامة المميزة للانسان، لكنه يكون فارغآ قبل أن تبدأ الحواس بأدراك الاشياء.

وبالتالي فأنه لا أفكار فطرية لدى الكائن البشري بحسب ارسطو.

ولكن بالتأكيد هناك قدرة فطرية على تصنيف أنطباعات الحواس في فصائل مختلفة موجودة اصلا.

وهكذا تنبثق مفاهيم الاشياء: حجر، نبات، حيوان، رجل، حصان، عصفور.

أذن فالحقيقة عند ارسطو مكونه من شكل ومادة.

المادة هي ما يكوّن الشيء .. اما الشكل فمجموع ميزاتها الخاصة.

وهذا ينطبق على الاشياء الحية والجامدة.

كان ارسطو يمتلك مفهومآ مدهشآ لظواهر السببية في الطبيعة.

وعندما نتحدث عن السبب نحاول ان نفهم كيف حصل هذا الشيء او ذاك.

لماذا تمطر السماء؟

كان ارسطو يعتقد بوجود اربعة انواع من العلل في الطبيعة وهو مايطلق عليها “السبب الغائي” او “العلة الغائية”.

السماء تمطر لان بخار الماء الموجود في الغيوم يبرد ويتكثف ثم يسقط بفعل الجاذبية.

أضاف ارسطو اربعة علل الى التفسير اعلاه.

العلة المادية: هو أن بخار الماء الحقيقي (الغيوم) كانت موجودة في ذلك المكان عندما برد الجو.

العلة الفاعلة: وهو أن بخار الماء يبرد.

العلة الشكلية: وهو أن شكل او طبيعة الماء هي السقوط على الارض.

العلة الغائية: انها تمطر لان النباتات والحيوانات تحتاج ماء المطر كي تنمو وتكبر.

لقد كان لارسطو اراء ومفاهيم عميقة في المنطق والسياسة والطبيعة والمرأة والاخلاق.

المنطق

بما أن ارسطو صنف كل الاشياء في العالم الى شكل ومادة للتمييز بينها، فأن علة تشابه الجياد على سبيل المثال هو بالتحديد الشكل، اما مايميز حصانآ عن آخر فيعود الى مادة الحصان.

أهتم ارسطو بالبرهان على أن كل الاشياء الموجودة في الطبيعة تنتمي الى مجموعات مختلفة مقسمة بدورها الى مجموعات أصغر.

أن تايكر كائن حي وبتحديد أكثر حيوان وبتحديد أكثر حيوان فقري، أكثر حيوان لبون، أكثر كلب لابرادور، أكثر لابرادور ذكر.

كان ارسطو رجلا منظمآ، أراد أن ينظم مفاهيم البشر وبهذا كان ممن أسس المنطق كعلم.

سلم الطبيعة

يقسم ارسطو الاشياء الحية الى فريقين:

– النباتات الحية وتشمل النباتات
– الكائنات الحية وتشمل الحيوانات والانسان

جميع الكائنات الحية تتغذى وتكبر من تلقاء ذاتها كالنبات.

ولكن يمتلك الحيوان والانسان القدرة على أدراك العالم المحيط والتحرك في الطبيعة.

وكل البشر يمتلكون أضافة الى ذلك القدرة على التفكير

وبذلك يقف الانسان في أعلى السلم وتختصر حياته الطبيعة كلها.

فالانسان يتغذى كالنبات ويمتلك القدرة على الادراك والتحرك كالحيوان أضافة الى كونه الوحيد الذي يمتلك قدرة استثنائية على التفكير العقلاني.

وفي مقاطع كثيرة يعتقد ارسطو انه لابد من وجود اله وضع الكون كله في حالة حركة.

وبهذا يكون الله هنا في أعلى سلم الطبيعة وهو “العلة الاولى” لحركة المجرة ومصدر كل حركات الطبيعة.

علم الاخلاق

أن شكل الانسان برأي ارسطو انه يمتلك “نفس نبات” نفسآ نباتية و “نفس حيوان” نفسآ حسية و نفسآ من “عقل” نفسآ فكرية.

ولذا يتساءل كيف يتوجب على الانسان ان يعيش؟ ما الذي يلزم الانسان ليعيش حياة متفتحة؟

الجواب: يكمن في تنمية القدرات الحسية والفكرية

كان ارسطو يميز ثلاثة أنواع من السعادة:

الاول: هو الحياة في المتعة والتسلية
الثاني هو أن تعيش كمواطن حر ومسؤول
الثالث: هو أن تعيش عالمآ وفيلسوفآ

ويؤكد ارسطو أن هذه الشروط الثلاثة يجب ان تجتمع كي يعيش الانسان حياة سعيدة.

والطريقة الامثل للانسان كي يعرف السعادة او “التناغم” هو العيش بتوازن وأعتدال كما لدى أفلاطون .

المراجع:

– Jostein Gaarder كتاب عالم صوفي حول تاريخ الفلسفة

– قصة الفلسفة ول ديورانت

– دراسات فلسفية، دار الكتب الوطنية في ابو ظبي