الراهبة

رواية فرنسية حقيقية لراهبة أُجبرت على الالتحاق بالدير ونذر حياتها للرهبنة دون إرادة منها فأصبحت قصتها الأليمة حديث الصالونات الآدبية طوال عام 1758.

من أروع كتابات ديدرو الذي كان من أبرز مفكري فرنسا وفلاسفتها ومعاصرآ لجان جاك روسو وأقرب أصدقائه، من مؤلفاته حلي فاضحة التي تم بيعها في الخفاء ورسالة عن العميان التي سجن بسببها في دونجون ثم قصر فنسين.

نشرت الرواية بعد موته بستة عشر عامآ في عهد الثورة الفرنسية ثم أحرقت علننآ بناءآ على أمر من محكمة السين.

الرواية هي يوميات مخلوقة بريئة جميلة مرهفة وغاية في الورع ولكن دون أي ميل لحياة الرهبنة، كانت في السادسة عشر والنصف عندما قرر والديها أرسالها الى الدير بقسوة ووحشية أنسانية لأنها في الواقع طفلة غير شرعية وشهادة رهيبة ضد برجوازية العصر لا دخل للدين فيها.

تمضي مدة قصيرة في الدير الأول ثم تنتقل الى دير لونشان وهو معسكر اعتقال ديني، قراءة هذا الفصل تكاد تكون لاتحتمل، تلك الشيطانات الراهبات يقشعر البدن من ميلهن للأذى والسادية التي لا تغيب عن الكثير من دور الرهبنة.

كانت شجاعة وقوية ولكن لم تصمد كثيرآ أمام تلك المحن الطويلة والقاسية فأنهد جسمها النحيف وسقطت في الغم والاكتئاب، لاشيء يصمد أمام الهجر والوحدة والاضطهاد.

في أحدى أعترافاتها لمرشدها تقول:

ثمة سؤال ياسيدي يجب أن أطرحه: لماذا من بين كل الأفكار المشؤومة التي تعبر رأس راهبة يائسة لم تخطر لها قط فكرة إضرام النار في الدير؟

ثم تمتم: أية آمال يمكن أن ترجوها راهبة؟

فيجيبها: الأمل بأن تجدِ الأبواب مفتوحة ذات يوم، وبأن يتخلى البشر عن العبث بحبس مخلوقات فتية تضج بالحياة في القبور. الأمل بأن تُلغى الأديرة، بأن تشتغل النيران فيها وتنهار أسوارها.

ثم تنتقل الى دير ثالث، كانت سعيدة وبريئة للغاية لدرجة أنها لم تفهم ما كان يحدق بها من خطر ساحق حتى أخبرها المرشد الذي تعترف اليه، فأنقلب الحال وهربت من الدير.

كانت تلك روايتي الثانية بعد طيور الشوك The Thorn Birds التي صارت فيما بعد عملآ فنيآ ضخمآ أشتهر عالميآ، والتي تعبر بشفافية صارخة وألم عميق عن معاناة الراهب وعذاباته الصامتة.