حيرني بوح العاشقين في تويتر حتى كدت اشك بكل الاعراف والتقاليد التي أتقنا لعب أدوارها ببراعة على أرض الواقع امام الناس ليصدق المقابل بأننا لازلنا نعيش في احدى تلك الامم المنقرضة التي لازلت تعترف بالعيب وتدين بالحرام.

سؤال:

هل تتيح الهوية المستعارة او حتى الحقيقية في الفضاء الالكتروني على اي من مواقع التواصل الاجتماعي الكشف عن نقاب القلب والفكر وتعريتها امام الخلق بشكل قد يثير حفيظة الاخرين وتجرح حيائهم؟!.

جميل وصحي وأحساس عذب عندما يبوح الانسان عما يكتم بين خلجات صدره في أوقات خاصة ولاشخاص محدودين وبكلمات تحفظ نقاء الحب ومكانته الانسانية.

لكن ان ينقلب البوح الى ما يشبه الفيديو كليب بدون صوت وصورة وعلى طول الفترة الصباحية والمسائية فذلك مرفوض حتمآ ودلالة على حالة تستوجب النقاهة والعلاج.

وهل يصير البوح بوحآ اذا صار أعلانآ مدويآ أمام كل الناس؟

وعلى الطرف الاخر هناك من يخفي مشاعره بأحسان وجهد ولكنها تأبى الا ان تنكشف ساطعة على أستيحاء في بعض الحروف المتناثرة.

الحمد لله الذي عافانا من غيث البرامج التلفزيونية والاستعراضات الرخصية بكبسة زر حمراء على الريموت كونترول حتى أصبح وجود التلفزيون مجرد قطعة أكسسوار لتكملة بقية الديكور المنزلي.

والحمد لله أنه بكبسة الانفولو على صفحة تويتر تتيح لنا حرية أختيار المتابعة مع نخبة مميزة وجادة تلائم مستوياتنا الفكرية والاجتماعية.

لكن في بعض الاوقات يشعر الانسان بحرج وأسف ايضآ على التوقف عن متابعة أشخاص أحترمت فكرهم وأستمتعت بأقلامهم وحروفهم ثم فجأة ينقلب المشهد الى فلم أبعد من العاطفي وتصبح صفحتك أحدى تلك القنوات الفضائية الممنوعة.

والسؤال الذي يطرح نفسه هل يمنح الفضاء الالكتروني الجرأة والحق لهؤلاء المغردين في البوح بهذه الطريقة على صفحة “مختلطة” واضع عشرة خطوط تحت كلمة مختلطة.

نحن في مجتمعاتنا العربية وبالاخص الخليجية يكون الاختلاط فيها محدود وضمن ضوابط واضحة الملامح على الاقل في الشكل العام.

ولا أستطيع ان أتخيل مجلسآ يشترك فيه النساء والرجال يبوح فيه الحضور من الجنسين ما طاب لهم من الكلام والاحلام.

فلماذا يحلل الفضاء الالكتروني ما يحرمه الفضاء الارضي؟

هل تجرؤين ان تبوحي بما في قلبك وخاطرك بأي وقت وكأن ليس في المجلس سواه؟

هل تجرؤ انت ان تتغزل بها امام الخلق ضاربآ بعرض الحائط خصوصيتها وخصوصية حبك لها؟

أنا لاأنكر على أحد أن يحب كما يشاء ويقول ما يشاء ويفعل ما يشاء شرط ان يتقي الله في نفسه وأحبته والاخرين.

وأن لم لديك شيء من التقوى فليس بأقل من أحترام العادات التي لازالت حية ترزق في مجتمعاتنا وأن كانت هي الاخرى تحتضر في رمقها الاخير.

من الجمال الا نبوح بكل مشاعرنا فالكتمان لغة انيقة جدآ.

يقول جبران: قد يكون فى الكلام بعض الراحة وقد يكون فى الصمت بعض الفضيلة.

واخيرآ اقول وهو رأيي شخصي ان مقياس الحب هو الطهر والنقاء التي يسمو بها الانسان الى أعلى درجات الحب حتى لتكاد تميز المحبين من صفاء خلقهم وهدوء محياهم وبريق الحياء في اعينهم.