يلازمنا كظل خفي من أول صرخة حتى آخر نبضة كثوب ربيع أبيض ينقلب الى أسمال ونيران كلما جاء القدر.

القدر!!.

بحثت في جميع القواميس لافهم معنى القدر فهمآ عمليآ ينطبق مع الواقع وقادر على ترجمته بشكل شفاف بعيدآ عن التنظير والتحريف، وجدته بعد سنوات طوال في قاموس الحياة.

منحني هذا القاموس تعريفآ حرفيآ لاسطورة القدر.

القدر ياسادة وسيدات هو ذلك الشيء الذي ينسف ذلك الظل الذي نلتصق به فيجعله بخارآ أبيضآ يرتفع الى السماء عندما يصطدم مع ثوابتنا ويشعل النار في كياننا فيحيله أنهارآ تفيض وجعآ ومرارة.

يتسلل هذا الظل بأول لمسة حب من تلك اليد الناعمة التي تضمنا بعد الصرخة الاولى ثم ما يلبث أن يتحول الى شعور عارم بالامان وحب نقي وفرح هائل بعد أن يتمكن من ذلك القلب الصغير ويمتلكه بسلاح التعلق.

تبدأ رحلة التعلق في تراجيديا طويلة مرهقة ولذيذة، تنسج خيوطها حولنا بأحكام لا مفر منه، ثم تترك فراغآ مفزعآ عندما تصطدم بالقدر معلنآ أنتصاره الساحق في تحرير قلوبنا من جميع حباله التي كان ينسجها عبر ليال طويلة وسنين كاذبة تضحك من خيبتنا عندما تهيأ لنا أن كل ما تعلقنا به لن يقهرنا ولن يتبدل.

أم أب وطن سكن أرصفة شوارع سماء وجوه قلوب كلمات أحلام أمنيات او حتى الجحيم نفسه يمكن أن يكون ظلآ خقيآ يتغلغل الى أدق شعيرات قلوبنا صباحآ مساءآ.

تلك الظلال تمنحنا أجنحة نحلق بها كالطيور وهي تدور حولنا وتدور لتمنحنا القدرة على البقاء في تلك البقعة أيآ كانت جنة او نار فنحن غالبآ لانمتلك القوة في الانعتاق من براثنها ولا البصيرة الكافية لمعرفة حقيقتها وان كانت سمآ مريرآ.

عندما يتمكن التعلق من قلب إنسان تسقط حريته ولا يعود قادرآ على الهيام في الكون الفسيح كما يتمنى ويريد فيصبح فريسة للحيرة والقلق والاضطراب والخيبة والمرارة كلما طرأ شيء يهدد كيان ما يتعلق به.

نحن لانختار ما نتعلق به انه يختارنا ويكتسح آفاق عالمنا ويسخر من عقولنا اذا ما حاولت التحكم بمشاعر قلوبنا حتى يخلق صراعآ ضاريآ بين منظومة العقل والقلب.

ينتصر القلب او ينكسر في كل ما يتعلق به مدآ وجزرآ في كل جولة وفي كل المتعلقين والمتعلقات.

ليس هناك أذكياء وأغبياء إنما أنسان مجبول على مشاعر وسنن يستحيل أن يقهرها فهو براوي متوحد أن حاول الاستذكاء والبقاء حرآ بلا عوالق او سجين مهزوم تتقاذفه أمواج الاشياء التي يتعلق بها كما تتراقص قشة مهترئة على صدر المحيط.

لاتتعلق بشيء يخبرك خبراء الحياة والمتدينين، وايضآ وحوشها والضالين.

هل تستطيع ان لا تتعلق بأم عظيمة او أن تهجر وطن عريق او أن تخون صديق وفيّ او أن تنسى مدرستك الاولى وكل تلك الاشياء التي لم تمر مرور الكرام وأستطاعت ان تتوغل بعيدآ الى أعماقنا بكامل أرادتنا ووعينا وأختيارنا.

أشفق على هذا المخلوق الذي يبدو جبارآ في هيئته مختالآ في نبرته ونظرته حتى أذا أنقطع خيط مما يتعلق به أنكمش وصار صغيرآ كدمية مكسورة.

وكما أن الحياة تتمحور حول الخير والشر فأنها أيضآ تدور بلا توقف في فلك التعلق والفراق.

يسقط كل ما تعلقنا به وعلقناه في شجرة قلوبنا كأوراق الخريف الواحدة بعد الاخرى حتى تسقط الشجرة نفسها وتنتهي الحكاية.

كل تلك الذكريات والصور والومضات والحكايات ليست الا عوالق ثمينة للغاية يصعب أنتزاعها حتى بعد السقوط.

بعضها تترك أبتسامة كلما مرت نسائمها، وبعضها تلهب دموعآ حارة ومحرجة يصعب السيطرة عليها، وبعضها في حالات معقدة تكون الضربة القاضية التي نفقد معها ملامحنا وشخصيتنا وأنفسنا ولا نعود نحن كما كنا.