يشرف رب العزة سبحانه وتعالى بعض الاماكن دون بعضها ويفضل بعض الاشخاص على بعض ويجعل لبعض الامور حُرمة ومكانة مميزة يتوجب أحترامها وعدم المساس بها.

فالحُرمة هو كل ما لا يحل أنتهاكه وكل ما وجب القيام به من حقوق الله وعدم التفريط بها.

أول ما يخطر ببالي من محرمات الله التي ينفطر قلبي لانتهاكها بجهل وعدم مسؤوليه هي مساجد الله.

لقد جعل الله لهذه البيوت حُرمة ومكانة لاتخفى على أحد، حتى غير المسلمين يدركون هذه الحُرمة ويدخلون بيوت الله بكل أجلال واحترام.

هناك الكثير من الانتهاكات تحدث داخل المسجد وعلى مرأى الجميع ولا تجد لها تصحيحآ او تغييرآ حتى باتت من المسلمات والامور العادية جدآ، وتبقى فئة ولو قليلة ترفض هذه الظواهر ولو بقلبها وتستشعر فداحة الامر لحُرمة المكان ومكانته التي تنبع من قدسية الله عز وجل وشرف الاتصال به.

أرجو أن تتسع صدروكم لأحدثكم عن بعض من هذه الظواهر الشائعة والتي لم يعد بوسعي أن أنكرها بقلبي.

سأبدأ بالظواهر التي تحدث في مساجد الرجال والتي تؤثر سلبآ على جميع الحاضرين رجالا ونساءآ.

وهذه تحدث بالاخص في صلاة الجمعة حيث الصلاة قائمة والمصلين في شبه سكون وسوف أعلق لاحقآ على موضوع السكينة، تتفاجأ بقيام أحد القادمين متأخرآ الى الصلاة بأقامة الصلاة ثم الصلاة جماعة مع مجموعة صغيرة أخرى بصوت جهوري مقاطعآ الامام وبقية الجماعة!!.

لااعرف أن تكلف الامام او أي مسلم غيور بتوعية هذه المجموعة ولكن في الجمعة اللاحقة يتكرر الامر نفسه!!.

ولايخفى على احد البكاء الهستيري لاحد الاطفال وغالبآ في مصلى النساء، حيث تأمل أمه بعظيم الاجر وأجر من استطاعت الصلاة معها!!.

ناهيك عن أصوات الكحة وغيرها من الاصوات المقرفة التي لاتتوقف طوال الصلاة الصادرة غالبآ من مسجد الرجال.

وكله كوم والموبايلات قصة اخرى.

أكاد أصرخ في القوم اليس فيكم عاقل رشيد؟

هل يحترق العالم وتقوم القيامة لو أغلقت الجوالات لدقائق معدودة.

كنت أدخل اجتماعات لاكثر من ساعة ولااجد شخصآ واحدآ من أرفع المدراء الى بقية الموظفين يحمل موبايلا في غرفة الاجتماع .. الاجتماع وليس الصلاة!!.

والى هنا أنتقل الى مصلى النساء ولاادري ان كان الامر نفسه يحصل في مصلى الرجال.

الحديث بدون أنقطاع مع بعضهن وفي أتفه وأسخف الامور او الحديث على الموبايل من دون الالتفات ولو لثانية الى أن هناك من تقف بين يدي الله في حديث أقدس تحاول التواصل مع ربها.

أو أن ينقلب المصلى الى مكان لوليمة غداء او طعام قبل او بعد وقت قريب من دخول صلاة الفرض، وحتى وان لم يكن وقت صلاة، أليس للمكان حُرمة تجعله اكثر أناقة واحترامآ!.

أذكر أني كنت أزور أحدى الكاثدرائيات في فلورانس عندما لمحت موظفآ يركض مسرعأ نحو فتاة كانت تفترش الارض جلوسآ من أجل صورة كانت صديقتها تلتقطها لها، تعجبت لان كل الزائرين يحملون الكاميرات والتصوير مسموح، ثم تفاجأت عندما فهمت لاحقآ ان أعتراض موظف الامن كان على جلوسها على الارض في الكنيسة حيث يعتبر تجاوزآ لحُرمة هذا المكان!!.

ياويلي .. فكيف اذا راى الناس عندنا مسطحة في قيلولة او نوم عميق في المصليات بشكل يثير الشفقة والاشمئزاز.

ألم تعلم بأن الله يرى؟
الا يستحي المرء من الله؟
أليس لهذه الاماكن حُرمة وحقوق لايجوز أنتهاكها؟
أليس للقوانين حُرمة لاتنتهك؟
ألم يخلق الله في نفوسنا قوانينا ذاتية أسمها الضمير او الخلق؟
أليس للبيوت حُرمة مقدسة؟
أليس للاوطان حُرمة في كل بلد؟
فلما لا توجد حُرمة لبيوت الله؟

ويتحدثون عن الاصلاح والتغيير والنهضة وكلمات وشعارات تخر لها الجبال ويشيب لها شعر الولدان.

هذا فيض من غيض.

فأذا كانت بيوت الله تنتهك بهذه الطريقة فكيف بالاماكن العامة والمؤسسات والبيوت والشوارع والطرقات والمنتزهات وكل نواحي الحياة الاخرى؟!!.

الخلل هناك في القلب قبل العقل.
الخلل في الاحساس والمشاعر.
الخلل في الايمان والحب.

الخلل في جهاز التحكم الداخلي للعقل والضمير والاخلاق الذي لم يعي من الاسلام الا مظهر أداة الصلاة متجاهلا كل ما يرافقها ولاينفصل عنها من المعاني السامية والخلق الرفيع والنفس الطاهرة والحب الالهي الذي تفيض به الروح والنفس فتملأ المكان اي مكان مسكآ وجمالآ ورقي.