يالها من سيرة استفحلت بجدارة بين الناس وصارت سببآ وجيهآ ومقنعأ لكل منكوب وموجوع ومحبط وفاشل.

المرض سببه العين، والفشل في الدراسة سببها العين، والطلاق سببه العين، وحادث السيارة سببها العين، والتسريح من العمل سببه العين و كل ما لايسر سببه نفس شريرة وعين حاسدة.. لم تنفع العيون الزرقاء والادعية المذهبة والمصاحف المركونة في البيوت والسيارات والمكاتب ان تحمينا وتصرف عنا هذه الشرور!.

آثرنا التكتم وصرنا نخاف البوح بأي خبر تافهآ كان ام مهمآ لكي يقضي الله حوائجنا ونأمن شر ألاعداء!

تخفي الحامل أمرها عن الاقارب والاصدقاء وكأنها ستلد محمد الفاتح او انشتاين زمانه، ويخبرك أخيك أو صديقك بسفرته بعد رجوعه بأسبوع، ويبشرك أحدهم بأيجاد عمل بعد ستة أشهر، ويظل هذا الانسان يأن ويشكي ويندب حظه التعيس كلما تكلمت معه كي تجد العيون فريسة أخرى غيره لتطفيء حريقها!

أيعقل ان تقزّم عقولنا لهذه الدرجة لنبرر كل أخفاق وتقصير مع التحية بالعين والحسد!! نجهل أبسط قوانين الحياة ونستهزأ بالقيم ونتنكر من أي مسؤولية ولانعترف بالخطأ ونتقرب الى الناس على ان لاننسى أن جميعهم أعداءآ وحاسدين.

فلماذا اجتاز الناجحين كل هذه العقبات ولم يشتكوا من العين والحسد وبقي القاعسين والمتذمرين في آخر الصف بسبب شياطين الانس!!!.

سأل عائض القرني أحد الفاشلين عن سبب أحباطه، أجابه بأنه مصاب بالعين، فقال له ومن هذا الغبي الاحمق الذي أصابك بالعين؟ ومالذي اعجبه فيك، كيف ترك اللامعين والموهوبين وقصدك أنت!.

وعندما تنتشر هذه الظاهره فتسمعها في كل حديث ومن كل متحدث .. عالم و جاهل، غني وفقير، قريب و بعيد، تدرك الى أي مدى من التخلف وصل اليه ذلك المجتمع.

أمراض نفسية وأوهام مرجعها التقاعس والاستسلام ومخالطة الفاشلين.

للانسان قوة جبارة لايثنيها ولايقدر عليها الا الجبار نفسه، فكيف أخاف انسانآ ضعيفآ ومحتاجآ لايختلف عني، يقهره الجوع، ويؤلمه الحرمان، يتمنى ويحلم ولايملك لنفسه حولآولاقوة .. ولكنه يستطيع ان ينسف حياتي بنظرة من عينيه!!.

كيف أستطاع العلماء العرب القدامى وغيرهم ان يفلتوا من هذه السهام وتخلد أسمائهم، وعجزنا ان نركب سيارة واحدة من صنعنا! لقد انشغلوا بالعلم والعمل والبحث والمثابرة، ولم يكن عندهم وقت للامراض والاوهام، يتشاورون مع الاخرين ويفخرون بأعمالهم ولايخفوها، فبجّلهم الناس وصاروا كواكبآ مضيئة في ذاكرة التاريخ.

لاانكر بأن العين حق والحسد مذكور في كتاب الله. ولكن هل يصيبنا ضر ونحن بمعيته وذكره؟ أستحالة، لاسلطان فوق سلطانه ولو اجتمعت الانس والجن، ولن يصيبنا الا ماكتب الله لنا وليس في حكمه ظلم ولاعجلة، فأن أصابنا مكروه او لحق بنا سوء أو أذى فأن لذلك علل واسباب.

أولها – ولانبريء أنفسنا – أعمالنا وأفعالنا، فالابتلاءات لاتنزل الا بسبب الذنوب والاستهتار بحقوق الله .. أو لكي ترفع من مقامنا ويمتحّن أيماننا ليرى ربنا أنكفر أم نصبر ونكون من الشاكرين .. أوقد تكون بسبب الانغماس بالجهل والركون الى الاساطير والقصص الخيالية و بعض المضللين اللذين أتخذوا من هذه العقول المسطحة سببآ في كسب العيش ومآرب أخرى في نفوسهم المعلولة.

ومن أعظم الأسباب في أمراض النفس والعقول ترك القراءة وهجر الكتاب حتى يصبح العقل مكانآ خصبآ تعشعش فيه الوساوس والظنون وأنواع الأمراض.

واجمل ماسمعت في الحسد ولاأدري من القائل: “لله در الحاسد ماأعدله، بدأ بصاحبه فقتله”.

توكل على الله وأستعذ من الشيطان ولاتنسى ان تحصن نفسك بالذكر والعمل الصالح، وأعمل بثقة وقم بمراجعة أفكارك وأعمالك ولاتخاف عينآ ولانفسآ وستكون أسرع وألمع من البرق في الصعود والنجاح.