بديعة هي أفكار وآراء تولستوي عن الحب والزواج، فقد أبتعدت كثيرآ عن الطرح المألوف وتطابقت أكثر مع واقعنا الحالي مع أنها كتبت في القرن التاسع عشر.

لايجرؤ الكثير على الخوض بهذه المواضيع مع أنها واقعية وموجودة منذ الازل وهذا ما يميز المفكرين العظام في جرأتهم على تجريد الواقع والنفس البشرية بشكل مثير للجدل، في ذلك الزمان أثار هذا المفكر بعض القضايا الاجتماعية التي واجهت كافة المجتمعات بالاخص الاوربية، والتي يخشى أي مجتمع من إثارتها ومناقشتها.

أعتّبر الزواج في بيئتهم كذبة .. ولايعترف بالحب ويعتبره تعلق جسدي مؤقت !!.

يقول أن الزواج يكون مباركآ عندما يجتمع شخصين برباط مقدس أمام الله، يريدان به رضا الخالق وتكوين أسرة يرجو فيها الخير والصلاح لنفسه والمجتمع، ولكنه يتحول الى خيانة او اذعان اذا تزوج الناس من أجل شهوة او مصلحة.

فأما الاولى، فالزوج والزوجة يتظاهران أمام الناس بالوفاء ثم يخون كل منهما الاخر!! وهذا مايفعله كثير من الازواج سرآ أو علنآ وليس له نهاية سوى الموت أو الدمار.

أما اذا أذعن الزوج والزوجة فأرتضيا في الظاهر ان يعيشا معآ مدى الحياة كان كل منهما يكره الاخر ويتمنى ان ينفصل عنه منذ الشهر الثاني، ومع ذلك يؤثران العيش في منزل واحد، عندها لن يكون البيت الا جحيمآ ومسكنآ لايطاق.

والقول لتولستوي – وليس لي – “أن العاطفة المنزهة التي نطلق عليها أسم الحب لاتتوقف او تنشأ من مزايا روحية، بل على شيء جسدي صميم، على تسريحة شعر، لون ثوب، تفصيلة رداء، ثم نرى هذه الاثواب الحريرية الهفهافة الفظيعة، والاكتاف، والاذرع، والنحور، والأثداء التي توشك أن تكون عارية.

والمرأة تدرك أن كل رجل يكذب حين يتحدث عن عواطفه الرفعيه، وان شيئآ واحدآ يجذبه، وهذا بعينه مايقع في كل المجتعات التي أصبحت وكأنها بيتآ من بيوت الدعارة.”

ليس في الامر جديد .. ولكن أن يعود هذا الفكر الى القرن التاسع عشر، فذلك يستحق التأمل !!

عندما بدأت أوربا تنهض أقتصاديآ بعد الثورة الصناعية وتنحدر أخلاقيآ بعد أنحلال المؤسسات الدينية واختفاء دورها في المجتمع، فصارت الخيانة والفسق والعري من ابرز ملامج المجتمع الغربي، وبقينا نحن في المجتمعات الشرقية نستنكر ونستكبر احوالهم التي نراها عبر شاشات التلفاز او الروايات الهابطة او شاهد عيان عند السفر الى تلك الدول.

كان لايزال في مجتماعاتنا بعض القيم والثوابت التي لايمكن المساس بها مثل الحياء والعفة والشرف و الزواج والعائلة بالرغم من كل مظاهر الظلم والاستبداد والخوف التي كانت ايضآ من الثوابت التي لم يشأ القدر أن نتحرر منها.

فما كان بعد عقود بسيطة الا ان نُسفت ثوابت الشرف والاخلاق وبقيت قيود الذل والانكسار.

لم يخطر لنا ببال ان تتسلل ثقافة العري والفسق الى مجتمعاتنا وتهدد كياننا ووجودنا!!

فما الذي حصل لكي تصبح ثوابتنا هي الاخرى من ذكريات الاجداد والماضي؟

كان تولستوي يتكلم عن عالمهم الذي أنحل من قرون مضت.

فصار عالمنا مشابهآ لايختلف كثيرآ .. العري مباح .. والشرف مخدر .. والقيم دنيئة .. والرجال أشباه .. والحياء مقتول .. كله بأسم الحرية والتمدن والانعتاق من بوتقة التخلف والعبودية.

دعونا من الدين والآخرة وتلك المفردات المفقودة والغير مرغوبة، ولكن ماالذي حصل للغيّرة والفطرة .. عاداتنا .. أعرافنا .. أخلاقنا .. تربيتنا !!!

كيف أنتحرت كل هذه القيم عند الكبار قبل الصغار؟

أدرك أننا وصلنا الدرك الاسفل من الانحطاط والتراجع، وأننا نستعر من أصولنا وخلفياتنا القومية وحتى الدينية، ونتمنى لو خلقفنا لنكون من أهل الحضارة اللامعة.

لنكون جزءآ من نجاحاتهم واخلاقهم وأنسانيتهم .. ولكن أن نكون جزءآ من فسقهم وفجورهم فهذا مالا يطيقه عقل ولاتقبله نفس سوية.

وعندما يكون الانسان فارغآ مقطوعآ بعيدآ لايملك في قلبه أيمان ولا خشوع .. يصبح الجسد رخصيآ والحرية أبتذالآ والتطور دمارآ.

لقد فُتحت الحدود وأقتحمت البيوت وأستبيحت كل القوانين والحقوق وفتحت دول الاستعمار احضانها لاستقبال الشعوب المظلومة ومسخها بالطريقة التي تجعلهم بهيئة مقبولة ومناسبة للعيش في بلاد الحضارة الجديدة.

أندثر التعليم وصارت المناهج الدراسية تملى علينا بمواد وطرق تضمن تخلفنا وتشويه عقولنا وامتلأت السطوح بالاقراص اللاقطة لتبث في بيوتنا برامج مضلة وتافهة على مدار الساعة لكي نبقى رعاع صامتين لايشغلنا الا تعلم الثقافة الجديدة.

تقهقرت لغتنا ونسف علمائنا ثم تحولنا الى سنة وشيعة في نهاية المطاف!!

وصارت هذه قضيتنا الاولى لندافع عن ديننا الواحد وكتابنا الواحد ونبينا الواحد والهنا الواحد.

فهل هناك تسفيه اشد لهذه العقول المتحجرة !!

لم يبق الا الجولة الاخيرة من معركة خسرنا فيها كل شيء .. لم يبق الا قليل من شرف.

كثير باعوه بثمن بخس وفرحوا بأثوابهم الجديدة ومظهرهم الحضاري ولازالت قلة تعتز وتفخر بأغلى مايمكن أن يملكه أنسان منذ أن خلق.

لباس التقوى .. يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباسآ يواري سواءاتكم وريشآ ولباس التقوى ذلك خير.

انه الضمير الحي ..

لايحتاج زيآ معينآ او ملبسآ خاصآ او وطنآ حرآ .. مقره القلب وغذاؤه الايمان يلازم الانسان في كل الاحوال ويصرخ بصمت أذا أجتاز حدود الصواب والفضيلة.