الخوض في هذا الموضوع حساس وصعب وقد يتهمني الكثير بأن من يده في النار ليس كمن يده في الماء .. البارد.

ولم يكن يومآ من طبعي أن أتدخل في شؤون الاخرين ولكن رأيت بأن هذا الامر صار مثل الفايروس الدخيل الذي أبتلينا به من حضارات أخرى بعد أن طمست ملامحنا وراحت معها قيمنا ومبادؤنا التي أساسها الستر والسلوك المحافظ.

كان الطلاق موجودآ ولكن ليس شائعآ وسهلا كتبديل سيارة او قطعة أثاث بعد أشهر او بضع سنوات اوحتى خمسة عشر سنه .. فما رأيكم بطلاق في شهر العسل او بعد أكثر من عشرين سنة!!!..

أنطلقت قريحة “المثقفين” ممن اخذوا على عاتقهم الدفاع عن الحرية وحقوق المرأة وكأن الرجل هنا لادخل له فالقضية تخصها وحدها سواء كانت محقة أم مذنبة!!

يتبارون في الخوض فيها وتقديم الحلول العقيمة والمضله على أساس ثقافات لاتمت بأي صلة بمجتمعاتنا وأفراد تختلف سيكلوجية حياتهم وأفكارهم ونشأتهم وبيئتهم عنا بفارق شاسع.

يدفعون بالمرأة الى الاحتفاظ بماء وجهها وكرامتها ونيل حريتها من زواج عقيم وحياة بائسة أنقطع فيها الاتصال وغاب الود وساد التهجم والتجريح وقلة الاحترام!.

ولن أستهين وأقلل من مشاعر الغضب والقهر والخوف والعذاب والذل التي يعيشها “الاثنان” عند خراب البيت.

وعليه علينا أن نقر ونعترف أولا قبل الخوض في التفاصيل بأن هذا الامر يخصه هو ايضآ وانه لازال شريكآ في التعاسة وانه أن لم يكن يتألم فليس بأٌقل من العيش بنكد وحرمان.

لن أبالغ لو قلت أن 90% مما شهدت وسمعت من حالات الطلاق والانفصال لم تكن فعليآ لتستحق هذا المصير لانها صراعات بشر ناشئة عن أختلافات ثقافية وأجتماعية وعمرية ونفسية ومادية والعديد من الاسباب الخاصة بكل أنسان.

وأكاد أجزم بانها نفس المشاكل التي يتعرض لها الاخوة في البيت الواحد والزملاء في العمل وأعز الاصدقاء والاقرباء والجيران وكل من يمكن أن تحتك بهم في حياتك ثم تتعرض لمواقف وأحداث وملابسات تجر “المتخاصمين” لنفس النتيجة ولنفس الاسباب التي ذكرتها.

الفرق أن الزوجين أبتليا بالعيش في بيت واحد وتحت سقف واحد.

يظن أحدهما او كلاهما بأن نهاية هذا الجحيم تكون في الفراق وبتر هذه العلاقة من غير رجعة في لحظة تتضخم فيها السئيات وتشحن فيها الصدور وتمتلأ غيظآ وكمدآ ولاتسطيع معه أدارك او فهم اي حقيقة اخرى مهما حاول الاخرون التدخل بنية الاصلاح اومحاولة تلطيف الجو فأن عقارب العقل قد توقفت على أمر واحد لاتستوعب غيره .. الطلاق.

ولو قَبلَ الطرفان بالانفصال المؤقت مهما طالت فترته لاعطاء النفس فترة من التفكير بعيدآ عن أي مؤثرات ومهيجات يمكن ان تدفع صاحبها الى دفع ثمن باهظ في لحظة غضب وحماقة لامر يحصل في معظم البيوت وعند كل البشر.

الزواج أقدس عقد يربط بين أثنين ليس بسكن فحسب ولكن بأيام ولحظات وذكريات وآلام ومشاوير ومطبات لاحصر لها والاعقد من هذا تشابك المشاعر والاحاسيس والافكار والاراء والرغبات بشكل غير مباشر ولاأرادي.

فترى كثير من الناس يرى شبها بين الازواج سببه العشرة والاندماج والتعايش بغض النظر عن مدى أختلاف طبيعة أحدهما عن الاخر فلابد أن يتأثر الاثنان بطبائع وخصال الاخر بشكل يظن فيه الاخرين بوجود قرابة بين الاثنين.

على أني لااسقط كلامي هذا على من خرج عن آدميته وصار أقرب الى الدواب بهمجيته وغياب منطق العقل الذي ميزّ الله به الانسان.

ولذلك شرع ديننا السمح بالطلاق كحل للخلاص من أنسان لم يعد يملك من أنسانيته الا المظهر.

أنما حديثي لمن لازال في رأسه شيء من عقل وفي قلبه قليل من مشاعر .. أقول ان الامر يستحق فرصة ثانية يمكن تحقيقها بعشرات الوسائل لاعادة ترتيب الاوراق والافكار بشكل سليم من غير أنفعالات سلبية او أحكام جورية او تسرع أحمق.

فلا تصدقيهم ياعزيزتي أن أفحموك بكلمات طنانه لايمكنك تصريفها والعيش بسلام بعدها مثل الكرامة وراحة البال والمستقبل وأعتبار النفس وحرية العيش في مقابل تضحيات غالية ومصيرية كالاولاد – ان وجدوا – والمسكن والرعاية المالية والمصالح المشتركة والحصانة المجتمعية في بيئة لاتعترف بأستقلالية المرأة ولا أمان لها الا برعاية رجل كان زوجآ او أبآ.

وأعلمي أنك ان نجحت في الخلاص من هذا “الكابوس” فأنك ابدأ لن تتحرري من أفكارك وذكرياتك والاثار التي طبعت في حياتك من دون محي ولاتبديل.

وأقول هناك أمل كبير في أصلاح مافسد بالابتعاد لفترة او السفر معآ او أستشارة مختص او اللجوء الى بعض المقربين الاوفياء او الانغماس في مشاريع أخرى او أي أمر يستطيع ان يجعل الرؤيا سليمة والنفس عادلة والقرار صائب.

عندها لاندم ولاحسرة ولا أهانه اذا كان قرارك هو نفسه .. لانه مما أحل الله وقرر به الشرع مما يضمن للانسان العيش بأقل الخسائر وأفضل الوسائل للعيش بشكل سوي وطبيعي.

وليست تضحية ولا غباء من أستطاع ان يتغلب على بعض المشاعر الخاصة وأيجاد وسيلة للتعايش السلمي والتواصل بشكل حضاري أكرامآ للاولاد وأحترامآ للعقل والاخذ بالنفس الى مستويات أرقى في الصبر والايثار والرحمة.

وأن كان لابد من الطلاق فليس بأقل من الاحترام والصداقة والمعاملة الطيبة التي تضمن وتديم المعروف بين الطرفين.