نداءات إنسانية

الكاتب: أنسانيون

إليك أخي الإنسان

كنت مترددا بأي لغة اكتب إليك وما أكثر الكلمات التي بين يدي وما أكثر الأفكار التي تتراكض مسرعة في مخيلة النجوى التي يضمها قلبي المحب لك . بأي إحساس أتكلم معك وأنت تعلم إني احبك , أنا الذي حملت جراحك سياطا على ظهري , إنا الذي حملتك حبلا ملفوفا على رقبة الحرية الغراء , أي حواجز هذه التي يدعيها الآخرون بيننا وأنا انظر إليك بعين الأخوة التي تربطني بك , كلها أوهام ؛ لان مابيننا اكبر من كل مايدعون ويتقاتلون من اجله .

كل شي يمكن إن نتخطاه معا .

يمكن أن نكتب معا
ويمكن أن نفكر معا
ويمكن أن نبني معا

كنت في حيرة بماذا أعنون لك الخطاب , وبأي صيغة أخاطب تلك الذات الشريفة التي تعاني القهر والألم , وقد استقرالخطاب في بادئ الأمر على تسميتها وصايا إنسانية فوجدتك تكره الوصاية ووجدت نفسي اكره إن أكون عليك وصيا وانأ اتامل فيك ثورة الذات التي ترتكز على العقلانية .

وأنا اتامل فيك أن تزيل تلك الكثبان التي حجبت عن عينك الرؤية .

أنت صاحب اكبر تاريخ بشري عرفته الدنيا الصامتة . عطاءك الحضاري عظيم بعظم الإباء الذي تعيشه في نفسك .

بين يديك تاريخ الإنسانية إقراءه جيدا تأمل في صفحاته وانظر في سيرة مصلحيه كلهم مروا بما مررت به , وكلهم عانوا ماعانيت , وكلهم تحملوا ماتحملت , فلست الوحيد الذي تعيش الصراع بين الظلام والنور ,ولست الوحيد الذي يعيش الصراع بين العدل والجور , نعم لعلك الوحيد المطالب أن تختصر الزمان مستعينا بتجارب الآخرين , نعم أنت الوحيد المطالب بعدم تكرار التجربة السيئة لأنك تعلم إن التاريخ لايعيد نفسه إلا في الأمم الغبية والتي لست منها بطبيعة الحال .

نعم اليك ياشريك الوجود وشقيق الروح ….أنادي

قد تحركت من قبلك شعوب وشعوب أخفقت مرة وانتصرت أخرى لكنها لم تمت كما إني اطالبك اليوم بان تحيا من اجلي, وان أحيا من أجلك , فانت اليوم وريث لألوف الملاين من البشر الذين بدوأ كما بدأت وشقوا طريقهم نحو حقوق الانسان كما تحاول أن تشق طريقك اليوم ومهدوا الطريق لاستعادة كرامتهم المهدورة كما تحاول أنت اليوم أن تستعيد كرامتك ….كل أولئك تراثك ياعزيزي الذي منه تنطلق وعليه تتكئ .

انك اليوم اللؤلؤة الكبيرة التي تزين قلادة الحركة الإنسانية المعاصرة من هنا كانت مسؤوليتك عظيمة وحركتك أثقل , عليك أن تركز على إحساسك بالإخاء مع الجميع , مع جميع إخوتك الانسانين في العراق وغيره من بقاع الارض , وستعلم جمال هذا الإحساس حينما تتأكد انك لايمكن أن تعيش وحدك , هذا المعنى الذي استشعره المعري حينما رفض أن يعيش في الجنة التي تخلو من أخيه الإنسان :

ولو إني حبيت الخلد فردا لما أحببت في الخلد انفرادا

لم يكن المعري يملك العينين اللتين يمكن أن يبصر بهما جمال الكون الذي تبصره أنت اليوم , لكن الروح التي كان يملكها هي التي جعلته يتحرر من اسر المادة الذي تنتكس عندها كل الجوارح الأخرى .

عليك أن تفضل العيش مع الجميع وان تعلم إن البشرية وحدة متكاملة وكل منجز فيها إنما هو نسيج واحد يشترك فيه الجميع . فلم يكن اختراع إديسون الأمريكي للكهرباء لأمريكا وحدها , ولم يكن اكتشاف ماركوني للراديو اكتشافا لايطاليا وحدها , ولم تكن السينما إبداعا للوميرالفرنسي وحده , وإنما هي الإنسانية بأسرها .

ودعك من كل ذلك وانظر إلى بلاد الهند التي تشتهر بزراعة الأرز الذي تأكله لتعلم كم بذل أخوتك في الإنسانية , بل إنهم يزرعونه ولاياكلونه , كم نضحت جباههم عرقا وكم تحملت ظهورهم , وكم تحمل ذلك الحمال الذي حملها على ظهره لكي تصل إليك , وكم بذل ذلك التاجر من جهد وعناء السفر لكي يحملها إليك لتصل إليك باردة هانئة وكم وكم ……الخ .

أوقظ إحساسك بالإنسانية حتى تمضي المسيرة وحتى نعيش معا , وتأكد ان الجميع يحبونك كما تحبهم ؛ لأنهم أخوتك ويسعون من أجلك .

كن في يومك هذا أفضل منك في امسك , وليكن غدك خيرا من يومك الحاضر , وتطور أبدا , وامش في ركب الحياة مع الزمان الذي أنت فيه لامتخلفا ولامغبونا.

حتي نعيش معا عليك ان تستشعر الإنسانية في نفسك …..وحتى تستمر الحياة

المصدر: موقع أنسانيون