سمارا نوري
لا استطيع أن أحصي عدد الكتب في مكتبتي والحقيقة أني كنت أمتلك مكتبة في كل بيت وبلد سكنت فيه وفي أغلب الاحيان أترك كتبي لغيري بعد كل رحيل.
الكتاب شيء تعلمته منذ نعومة أظافري وصار جزءآ من كياني وشخصيتي وملامحي.
لكن ليس كل الكتب متشابهة، بعضها طريف وبعضها مؤلم وبعضها عميق كالبحر وبعضها مثير وبعضها فارغ وقليل القليل منها ما أسميته بسقف الكتابة.
آذان الانعام هو سقف الكتابة.
في محتواه ولغته وقدرته العجيبة على أختراق العقل والقلب والجوارح وكل منظومة الانسان بكل خلاياه وأعصابه وشرايينه.
قدرته على العودة بالانسان الى أنسانيته التي فقدها وظل يبحث عنها قرون عديدة.
قدرته على تدبر القرآن بترجمة عبقرية ووحي مذهل.
تمهلت جدآ في قراءته وتأخرت كثيرآ حتى أتممته وكأني تخرجت من مدرسة راقية في دروس كونية وتحت أشراف أستاذ محترف.
في كل صفحة سألت الله ان يرزق أصحاب هذا العمل ثوابآ مجزيآ على هذا المجهود الضخم في الدراسة والبحث والاجتهاد والتأويل والتدبير والجرأة على طرح ما تحرج منه عامة المسلمين لقرون طويلة حتى أصبحنا نحمل كتاب الله كما يحمل الحمار أسفارآ.
ولا شيء أقل من الخيانة يوصف بها هذا التقصير في أعظم كتاب أُنزل الينا لنقود العالم ونرتقي بالانسانية الى منابر العلم والايمان فننتشل الضعيف وننصر المظلوم ونقف بوجه الظالم.
يكشف عن حقائق خطيرة لتصحيح مفاهيم مغلوطة تحفز العقل على تدبر كتاب الله بطريقة لايمكن ان تعارض الفهم الصحيح لآيات القرآن مع حقيقة كونية حتمية، وهذا يقتضي أنطباق كلام الخالق مع حقيقة الخلق مهما كانت بعيدة عن خيال الناس.
يناقش الكتاب قضايا غامضة وعميقة في عقيدة الانسان وتاريخ البشرية.
منذ قرون كثيرة والعالم العربي يمر بفترة جمود فكري وأجتماعي وخُلقي وسياسي، ولم يعد للبحث والعلم مكانآ كما كان في القرون الاولى من الاسلام حيث قدم المفكرين والباحثين المسلمين اللبنات الاولى التي أستطاع الغرب اليوم الانطلاق منها والوصول الى حضارة راقية وعلوم متقدمة في مختلف جوانب الحياة.
أن الدارسات القرآنية في مختلف المراجع تمت في عصور مختلفة تمامآ عما وصل اليه العالم اليوم بالاخص في مجال التكنلوجيا والاتصالات ولم تظهر أي جهود تذكر في دراسة القرآن بما يتناسب والتطور الهائل في علوم الكون التي هي صورة طبق الاصل عن آيات الله القرآنية ولايمكن أن تختلف عنها.
الكتاب ليس أخترع جديد او أبداع أدبي أنما هو فتح من الله لمن يشاء من عباده مبنية على جهود مضنية وسعي دؤوب في البحث عن الحقيقة وأكتشاف الاسرار أساسها التعمق في جذور الالفاظ العربية التي استخدمها الله عز وجل في محكم كتابه ودراسة في الكتب السماوية الثلاث وعلوم الاحياء وتطور الانسان التي قام بها علماء سابقين .. أتباعآ لملة أبينا أبراهيم عليه السلام الحنيفية في البحث وتحري الحقائق .
أن بأيدينا اليوم أن نمنح البشرية علومآ تنقذهم وتنقذنا مما نحن جميعآ فيه وتمنحنا خلودآ خيرآ وأبقى في جنات تجري من تحتها الانهار.
وقد ترك رسول الله – صلى الله عليه وسلم- بين أيدينا ما أن تمسكنا به ودرسناه وأكتشفنا أسراره مالا نضيع بعده ابدآ.
أن في كتاب الله علوم تخص العالم كله وهذه العلوم لا تحتاج الى تكنلوجيا ولا أموال وانما تدبر في كتاب الله يتناسب مع القدرة العلمية والعقلية والامكانيات المادية التي وصل اليها الانسان.
أبواب الكتاب متداخلة جدآ الا أنها تحكي قصة واحدة منذ خلق البشر وتطوره الى ظهور الانسان العاقل.
وعلاقة هذه المسيرة بشعائر الحج التي يؤديها المسلمون الى يومنا هذا بوصفها حجة على الانسانية جمعاء.
الكتاب يكشف اسرارآ علمية مثيرة تهم كل مفكر وباحث في أسرار الكون والموت والحياة.
ويفتح الباب على مصراعيه أمام أصحاب الالباب والاجيال القادمة للوصول الى حقائق أعظم وأكتشافات أبلغ، فالقرآن كتاب لاتنقضي عجائبه ولا ينقطع وحيه الى يوم القيامة.
الكتاب يركز على قضية بدء الخلق ومراحل تطوره بعيدآ عن قصص الاسرائيليات التي اعتدنا عليها حتى باتت حقائق مٌسلم بها وهي أبعد ما تكون عن الحقيقة والعقل.
في تلك القصة يبدو الكون كله متصلا من دون ذرة فراغ او أنعزال وكأنه لوحة “بازل” كل قطعة صغيرة تشكل عنصرآ بارزآ لتشكيل الصورة النهائية وفقدان اي واحدة منها ستجعلها مبتورة وناقصة.
بداية الخلق، الارض، الانسان العاقل، السموات، الماء، الطين، الانعام، شجرة الخلد، الغراب، الهدهد، قصص الانبياء، الكعبة، الصفا والمروة، الهدي، مقاليد السموات، العرش، شعائر الله، الشيطان، التوبة، الجنة، الخلود، سدرة المنتهى، جنة المأوى.
كلمات مقدسة قد تبدو منفصلة وبعيدة في عالم الغيب لكن الحقيقة أنها تشكل تعابير متناغمة تحكي قصة حياتي وحياتك وقصة الحياة الدنيا كلها بأروع وأجمل لوحة عرفها أنسان.
يختتم كاتبنا نظرية الانعام ليؤكد ان قصده من طرح كل القضايا الشائكة التي تناولها بحثه في آذان الانعام ليست الا تحرير الانسان من سجن الاساطير الى حرية التفكير والتدبر في آيات الله وأحترام العقل الذي وهبنا الله والعلم الذي نتعلمه كي نعبد الخالق حق عبادته لان الله يعلمنا بالقرآن والابحاث وكلها تقود الى وجود الله ووحدانيته وتعظيمه كما يجب ويستحق جل وعلا.
فنحن نؤمن أنه لايوجد شيء أسمه علوم الدنيا اذ أن كل مافي الدنيا ليس الا آية من آيات الله تعالى ومن يصف آيات الله الكونية بأنها علوم دنيا أنما يهرب من الاعتراف بقصور فهمه لخلق الله ساعيآ ان يجعل من دين الله قائمة من المحللات والمحرمات والاحكام الشرعية التي لاعلاقة لها بالتفكر في خلق السموات والارض وآيات الله الكونية.
ذلك فصل للدين عن الدنيا وهو أكبر ضررآ وأقرب الى الكفر من فصل الدين عن الدولة.
ولما كان كل شيء قد بدأ هناك عند البيت العتيق فأن أسرار الكون كلها تحلّ لو درسنا أسرار بكة وموضع البيت العتيق.
مواضيع أخرى من بعض أبواب الكتاب