عبد المعطي الدالاتي
رؤى غربية منصفة التقطتها من أقلام مفكرين غربيين درسوا الإسلام فراعهم جماله، وأعجبتهم مبادئه، ولكنهم لم يُنزلوا قناعاتهم من سماء العقل إلى أرض القلب، ولم يسقوها بماء الوجدان، فلم تنمُ غراسها ولم تثمر!
وفشلوا في أن يحوّلوا الاقتناع بالحق إلى اعتناق له، والإعجاب بالإسلام إلى عقيدة تجري في العروق، وبذا فقد فشلوا في أن يحققوا السلام الداخلي في أعماقهم..
نعم لم يبقَ أمامهم إلا ضربة معول واحدة كي يصلوا إلى النبع الثّر الزلال، فلم يفعلوا..
حاموا وهم الظّماء حول الماء ولم ينهلوا وإنما أعرض أقوالهم لأولئك المهزومين أمام الغرب، الذين لا يشربون الكأس الرويّة إلا إذا كانت بيد غربية! ولا يجرعون الدواء إلا من تلك الصيدلية على أن بعض هذه العبارات كانت في سياقها شَرَكاً نُصب للعقل المسلم، ولا حرج علينا أظن إن لقطنا الحبة، ومزقنا الشبكة، وطرنا بسلام.
يقول المستشرق آرثر آربري: “عندما أستمع إلى القرآن يتلى بالعربية، فكأنما أستمع إلى نبضات قلبي”(1).
ويقول غوته: “إن أسلوب القرآن محكم سام مثير للدهشة … فالقرآن كتاب الكتب، وإني أعتقد هذا كما يعتقده كل مسلم … وأنا كلما قرأت القرآن شعرت أن روحي تهتز داخل جسمي “.
ولما بلغ غوته السبعين من عمره أعلن على الملأ أنه يعتزم أن يحتفل في خشوع بليلة القدر التي أنزل فيها القرآن على النبي محمد..
وفي يوم أبصر غوته ريشة طاووس بين صفحات القرآن فهتف: “مرحباً بك في هذا المكان المقدس، أغلى كنز في الأرض”(2).
وفي ديوانه (الديوان الشرقي للشاعر الغربي) يقول غوته: “هاجر إلى الشرق في طهره وصفائه، حيث الطهر والصدق والنقاء، ولتتلقى كلمة الحق منزلة من الله بلسان أهل الأرض”.
“القرآن ليس كلام البشر، فإذا أنكرنا كونه من الله، فمعناه أننا اعتبرنا محمداً هو الإله! “(3).
وتقول المستشرقة الألمانية أنا ماريا شميل، في مقدمتها لكتاب (الإسلام كبديل) لمراد هوفمان: “القرآن هو كلمة الله، موحاة بلسان عربي مبين، وترجمته لن تتجاوز المستوى السطحي، فمن ذا الذي يستطيع تصوير جمال كلمة الله بأي لغة؟! “.
ويقول الباحث الأمريكي مايكل هارت في كتابه المعروف (المائة الأوائل):
“لا يوجد في تاريخ الرسالات كتاب بقي بحروفه كاملاً دون تحوير سوى القرآن”.
“بين أيدينا كتاب فريد في أصالته وفي سلامته، لم يُشكّ في صحته كما أُنزل، وهذا الكتاب هو القرآن”(4).
ويقول المستشرق بارتلمي هيلر: “لما وعد الله رسوله بالحفظ بقوله “والله يعصمك من الناس”، صرف النبي حراسه، والمرء لا يكذب على نفسه، فلو كان لهذا القرآن مصدر غير السماء لأبقى محمد على حراسته! “.
ويقول المستشرق (فون هامر) في مقدمة ترجمته للقرآن: “القرآن ليس دستور الإسلام فحسب، وإنما هو ذروة البيان العربي، وأسلوب القرآن المدهش يشهد على أن القرآن هو وحي من الله، وأن محمداً قد نشر سلطانه بإعجاز الخطاب، فالكلمة لم يكن من الممكن أن تكون ثمرة قريحة بشرية”.
“القرآن وحي من الله، لا يحده زمان، ومتضمن للحقيقة المركزة”(5).
ويقول البروفسور يوشيودي كوزان مدير مرصد طوكيو نقلاً عن كتاب (إنه الحق): ” إن هذا القرآن يصف الكون من أعلى نقطة في الوجود … إن الذي قال هذا القرآن يرى كل شيء في هذا الكون، وكل شيء مكشوف أمامه”.
ويحاول المفكر مارسيل بوازار أن يصل إلى سر التأثير العجيب للقرآن فيقول: “القرآن يخاطب الإنسان بكليته … من منظور تستطيع نسبته إلى علم النفس التطبيقي “(6).
قلت: إن الذي خلق النفس البشرية والخبير بدروبها ومنعطفاتها وآفاقها، هو الذي أنزل القرآن ليهديها سبيل ” أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ” (7).
***
” من كتاب ربحت محمدا ولم أخسر المسيح ”
——-
(1) نقلاً عن (حتى الملائكة تسأل) د. جيفري لانغ.
(2) نقلاً عن (جوته والعالم العربي) كاتارينا مومزن.
(3) البروفسورة نيبا أيوب، نقلاً عن (كيف نتعامل مع القرآن العظيم)د. يوسف القرضاوي.
(4) المستشرق بودلي، نقلاً عن (البحث عن الحقيقة).
(5) د. بول شفارتسنا في كتابه (القرآن – دليل المسيحيين) نقلاً عن (يوميات مسلم ألماني) د. مراد هوفمان.
(6) نقلاً عن (القرآن الكريم من منظور غربي) د. عماد الدين خليل.
(7) قرآن كريم سورة الملك.