سمارا نوري
سأضطر ولاول مرة أن أستعمل بعض الكلمات النابية والمصطلحات التي لاتلائمني ولكنها تلائم الرواية.
لم تصعقني دناءة أفكارها والحب الشيطاني الذي يجعل أي أنسان سوي يزدري الحب كما تزدرى الرذيلة.
لن يشرفني أن أحتفظ بها في مكتبتي وبالطبع لن أتبرع بها لاي مكتبه او شخص، مكانه المناسب هو الزبالة.
لاادري لما كنت مضطرة لانهائه، يجوز بسبب مبدئيتي التي تفرض علي الانتهاء من أي كتاب وتّحمل قرار أختياره وشراءه وليس من عادتي غلق كتاب بعد صفحات مملة، وكأني أعاقب نفسي على سوء تصرفي في أختيار الكتاب.
لان الكتاب بالنسبة لي أعلى قدرآ من مجرد مجموعة أوراق وغلاف، بيننا علاقة وجدانية وسايكولوجية يصعب تفسيرها حتى لنفسي.
حزنت لنفسي بأني لازلت لم أنضج بما فيه الكفاية في أختيار كتبي، فأنا لااحب الروايات الرخصية وأميز بخبرة الكتب التجارية ولاتبهرني الاغلفه ولا الكلمات المصطنعة ومعذرتي في هذا الكتاب هو أسمه فقط الذي أحببته لانه توأم أسمي.
كانت هذه الرواية تقطر السم في دمي بكل كلمة اقرأها حتى أمتلآت بسمها.
الكاتب وملهمته تمارا أن كانت حقيقية او شخصية روائية فأنها وكل شخوص الرواية شلة من المعاقين فكريآ وثقافيآ وخلقيآ.
أشعر بغضب شديد ليس للوقت الذي أضعته وليس لغيرتي على الله وليس للقرف الشديد الذي أصابني، ولكن بأن يسمح لمثل هؤلاء المهرطقين بكتابة كتاب ونشر الخبث والفساد بين الناس.
ماذا لو وقع الكتاب بيد أنسان أيآ كان عمره وجنسه ولكنه لايملك حصانة خلقية ووعي أيماني وكانت ثقافته وتطلعاته ما تجعله يستسيغ ما يقرأ؟.
هذا الكتاب لايتمتع به الا أثنين أما شاذ او ديوث لان الاثنين فقدا جوهر الانسانية وعظمة الانسان في أمر وهبنا أياه الخالق وجعله مصباح الهي ينير الظلمة والعتمة بعيدآ عن اي دين او أنتماء.
الفطرة.
من فقد الفطرة ضيع آدميته ولاأستطيع أن أشبهه بالحيوان لانه كائن أرقى بكثير من كائن ممسوخ بلا فطرة.
جعلني أفقد الثقة بالكاتب العراقي والمثقف العراقي والفنان بشكل عام.
وأني لارثي قومي على هذا الارث العفن الذي ورثناه من المجتمع العراقي الضائع، لكن الله يحب الستر ولن أقول في وطن يحتضر الا عافاك الله ياوطني تحتاج قرون طويلة لتتطهر وتتقلب تربتك لتلفظ كل الحشرات والادغال والاعشاب السامة التي كانت ولاتزال تتوغل أرضك الطاهرة.
وكنت أفكر ماذا كان سيكون حالنا لو لم يكن بأستطاعتنا سوى أختيار دين آبائنا او ثقافة مجتمعنا فقط!!
بالتأكيد كانت ستهلهل جهنم وتصرخ هل من مزيد.
ولكي لايتهمني أحد بالمبالغة او يثير الفضول أحدهم ليعرف مالذي أثار غضبي خصوصآ وأني لاأستعمل هذه اللغة في الكتابة، أنقل لكم هذا النص الذي يعتبر مقدسآ بالنسبة لبقية الرواية.
“نحن المثقفين العرب نعيش في مستنقع خلّفه لنا العثمانيون والتاريخ، الحضارة جاءتنا بالتقسيط مع التوسع الاقتصادي والاستعمار الغربي، المدرسة، التي هي أم الحضارة. والمدرسة مؤسسة غربية، مع أنها نشأت في سومر, المدرسة نافذة على الحضارة في مقابل نظام الكتاتيب المحدود في تعاليمه. والكرسي، الذي جاء مع المدرسة، تصوري، نحن أمة بلا كراس (وهناك من يريد لنا التربع على الارض!)، والسفور الذي بات يتراجع الان. والحب الذي لم نعرفه قبل أن يعلمنا الغرب فنه، والبطاطا، والطماطم، والبرتقال، والتلفون، والردايو، والسينما، والتلفزيون الذي أصبح ملح كل بيت عربي وزاده، طبعآ والكومبيوتر، والانترنت المذهل، والتطعيم ضد الامراض الفاتكة، كالجدري الذي أعمى أبا العلاء المعري، وربما طه حسين أيضآ، والبنسلين والمضادات الحيوية التي أنقذت البشرية من داء السل، الذي اخترم حياة أميلي برونتي وكاترين مانسفيلد، وآخرين. والغشاء المطاطي الواقي من الحمل، والقطار، والسيارة، والطائرة، و”البيوت العائمةعلى الماء” على حد تعبير الهنود الحمر، وآلاف الاشياء الاخرى. هذا الى جانب فن الرواية، والموسيقى الكلاسيكية، وحتى موسيقى البوب.
هذه المفردات الحضارية انتشلتنا من المستنقع الذي لا تزال رائحته تزكم أنوفنا. أن الاغلبية الساحقة من المتعلمين عندنا، تمارس حياة شيزوفرينية، أنت وأنا لانريد أن نمارس الحياة الشيزوفرينية، أنت وأنا سلكنا الدرب الحضاري الخالص، ولاينبغي أن ننتظر الى الوراء (ويقصد العيش معآ برابط الحب مع أن كل منهما مرتبط بزوج!!!!!!).
يكمل:
أنت أمرأة شجاعة بكل معنى الكلمة، لانك تحديت الاعراف وأردت أن تتمتعي بحقك كأمرأة عصرية.
قالت له: سأرى، هل أستطيع أن أقاوم. أنا أخاف، مع ذلك يا ….
-لكنك تعيشين في الغرب.
-ولو فالتخلف يلحقنا.
لماذا تميزنا عنهم بشرتي أنا (أستثني بشرة تمارا)، وعقيدتي اللصيقة بي منذ ولادتي، أعني ديني، دين تمارا أيضآ، وجنسيتنا العراقية او العربية؟
كانت علاقاتي مع المرأة في أوربا عابرة، صحيح أنها لاتخلو من حب، الا أن علاقتي مع تمارا كانت حبآ من نوع خاصن حبآ “مكتوبآ على الجبين”. فأنا وهي وجدنا علاقتنا أمتن من الزواج، لانها ناشئة عن حب، وعن أرتياح متبادل لاهتماماتنا الفكرية والثقافية.”
أنتهى النص.
هل يعقل أن تكون هذه ثقافة؟ وهل العلم والمدرسة صارت من أفضال الغرب؟ وكنتيجة طبيعية فكل متعلم يجب أن يكون غربيآ!.
شجاعة ؟؟؟ وعصرية؟؟؟؟
أذن فأنا أكفر علنآ بالثقافة والعلم والحضارة وأرتضي التخلف والجهل والعيش بطهارة وكرامة أنسان وليس حيوان لايميز بين علاقة حرة وعلاقة دونية.
حتى الحيوان يأبى الخيانة وغريزته في التكاثر ليست عشوائية وفيها من القيم والعبر ما يجب أن تكون دروسآ للانسان الوضيع.
هذا هو المجتمع العراقي الذي يتغنى العراقيون به وأيام الخير والنوادي والحفلات والحرية السائبة وأنحدار القيم الانسانية والعيش بفوضى حسية ومجتمعية بعيدآ عن الخوف من الله والاعتدال.
تاريخ لايشرفني وعادات جاهلية تبرأت منها ومجتمع غارق في الوحل، ليتهم يسكتون ويسترون القبيح والمستباح لكني أسمعها بأستمرار في مجالسهم وهم يتغنون بها ويمجدون تلك الايام ويذكرونها بحنين طاغ وشوق كبير، وشلة المثقفين الاحرار يألفون الكتب والروايات التي لا تتباهى الا بتلك الامجاد والمعاصي التي دمرت البلاد وجعلتها وأهلها في الدرك الاسفل من العالمين.
وكل تلك الانظمة المستبدة التي حكمت العراق لم تكن أعتباطآ ولا ظلمآ انما تُسلط الشياطين على الشياطين وهذا ما تستحقه الشعوب عندما تختار الضلال لتنتحر بشكل جماعي.
شيء أخير وهو طلب من الكاتب، أنت حر في عقيدتك وثقافتك وكل أختيارتك وأنا أحترم حرية الانسان لاني أولا حرة وثقافتي مختلفة وثانيآ لاني لست بموقع الحاكم، لكن بما أنك أخترت الثقافة الغربية وأنتهجت أسلوب حياتهم فأني أطلب منك أن تكتب باللغة الغربية التي تناسبك فالعربية والعرب بريئون منك ومن أمثالك.
نحن قوم نعتز بالعيش في القرون الوسطى كما قلت في خاتمة روايتك ولايشرفنا العيش بمثل عيشتك ولذلك أناشدك أن تبقى قذارة الغرب بعيدة عن أهل القرون الوسطى.
ربنا أهدنا الصراط المستقيم .. صراط الذين أنعمت عليهم غير المضوب عليهم ولا الضالين
آمين