حرفيآ نحن كائنات مبرمجة بلغة المجتمع والبيئة والاعلام والعادات منذ البلوغ وحتى الممات.
الانسان الفطري مختلف جدآ ولكنه ايضآ مبرمج.
بساطته، أنتسابه للطبيعة، رونقه في التفكير، استمتاعه البريء لكل ما حوله من متع بسيطة وصغيرة.
مالذي يجعله فطريآ؟
بيئته وظروفه الاجتماعيه بعيدآ عن المادية والحياة العصرية وثقافة الاستهلاك واعاصير التكنلوجيا.
لازال نقيآ بقلبه وبصيرته، محافظآ بخلقه وطبيعته التي ترضى بما تطوله يديه وتسعد بما كان نصيبه من الحياة، ولذلك لايعرف الملل او الاحباط او اي من الامراض المزمنة التي يصاب بها الاخرين.
فطرته سليمة لم تشوهها بهرجة المدن وفلاسفة العصور وايدلوجيات الناس.
مرتبط بالله وعلى الاغلب ملتزم بدينه فطريآ بدون فلسفة ولا تعثير.
تبرمج على حياة صحية بعيدة عن الصخب والتشويش وفيها الكثير من التعب والقسوة التي تصقل فطرته كل يوم.
وكذلك من تشوهت فطرته، وجد نفسه في بيت وبيئة وعالم لم يختره ولكن الظروف استعبدته وغيرت فطرته فأصبح بعد بلوغه مبرمجآ ولكن على حسب أختياره.
هناك من يختار البرمجة الربانية يسميهم المجتمع متدينون، ومنهم من ينطلق بعيدآ وراء المال او المتعة او الشهرة او يضيع في زحمة الحياة بلا هدف ولكن بأختياره هذه المرة اما غرقآ ووهمآ او كسلا وتماديآ او استهتارآ وضياعآ او تشتتآ واضطرابآ فكريآ ونفسيآ.
هكذا يسلك الانسان طريقآ يكون له يد في اختيارها وتمهيدها.
المال، القيود الاجتماعية، الاجهزة الالكترونية، التعسف اللاهوتي، الحكومات المستبدة، الاعلام الموجه والقنوات الفضائية من أعظم الوسائل التي أخترعها الانسان ليحفر قبره بيده ويجهز كليآ على فطرته وسعادته وخصوصيته.
نفر قليل أستطاع أن ينجو من غوغاء الحياة التي فصّلتها الحكومات والشركات الجشعة والمضلله ولبسها العامة بكل غباء ويسر من دون أدنى تفكير ولو لوهلة بالثمن الذي عليهم سداده مقابل ثوب التعاسة الذي يتنافسون في اقتنائه واستهلاكه بنهم.
هؤلاء النفر أحكموا غلق أبوابهم ولم يرق لهم التقليد وسعوا بجهد ومثابرة لتفصيل ثوب ملائم ومناسب لهم.
أنها نوع آخر من البرمجة التي أختارها هؤلاء القلة لكي يعيشوا بثقة وقناعة من اجل رسالة معينه طامعين بدرجات أعلى وحياة اخرى.
أذن فالبرمجة التي خلقنا بها هي أختيار حر.
وهي بعينها التكليف الذي أمرنا به وعلى اساسها يكون الجزاء والثواب وتكون الجنة والنار ويصير الحساب عادلا وحاسمآ.
لم يفرض الله علينا بقوته وسلطانه اي دين او مهنة او الحاد او اتجاه، وكان الاختيار حرآ لنا بكامل وعينا وادراكنا شاهدين على أنفسنا بكل طرفة عين وفكر وقول وعمل.
الا انه جل علاه هيأ لنا طريق الخلاص ولذلك كان الانبياء والملائكة والكتب والقصص والاديان، لتكون خارطة لايزيغ من يتبعها بعقل وقلب بلا سفسطة ولا تكبر ولا تكلف ولا منّ على الله.
أن خلق السموات والارض أعظم من خلق الانسان ولم يكن هذا الكون بكل كواكبه وأجرامه واممه التي نعلمها ونجهلها عبثآ او لعبآ او خيال.
والعمر أصغر بكثير من أن يضيع ببرمجة خاطئة وفلسفة بعيدة وأفكار عشوائية.
الوقت قصير للغاية فأما الان او الندم والحسرة والخزي بعد فوات الاوان.
أضرب كل شيء بعرض الحائط وأعجل اليه وآوي الى ركنه وأستعصم بحبله حتى وان لم يكن عندك اليقين ويملأ رأسك الكثير من الاسئلة والشكوك، تغافلها وثق بوعده وما اعده لمن اصطبر على هذا التكليف الشاق ولم ينحرف واختار ببرمجته أن لا يضيع.