أعادت لي “يوميات بغدادية” ذكريات الحرب يومآ بيوم لاثني واربعين يومآ.
لماذا ياأمريكا؟
هذا السؤال سأخذه معي الى رب أمريكا، فقد ضافت الدنيا برحبها ومفكريها وعقلائها وعلمائها في الاجابة على سؤالي.
أن سؤالي هذا غير شرعي وغير حضاري لفرد ينتمي الى مجموعة من المتخلفين والمجرمين والارهابيين، الست عربية؟ وفوقها عراقية؟ فكيف أستحق ان أسأل ونحن أصلا لاوجود لنا، لا على الخرائط الدولية ولا في الاحصائيات المدنية ولا حتى في الافتراضيات الكونية.
طوال حياتي لااسمع الا مزامير عائلتنا الحاكمة وهي تنعق بالنصر والعزة والشموخ، ثم التفت فلا أجد الا طوابير من الرعاع تزدحم على البنزين والدجاج والسكر والرز وحتى الصابون!
تركناهم ينعقون بما يريدون لاننا مشغولون جدآ بتعبئة كل دلو في البيت بالماء في ساعات الرحمة الانسانية، والاستمتاع بهواء المروحة وماء بارد لوقت محدود في ساعات القيظ، وتدبير امور الحياة القاسية في العصر الحجري الذي لم نشهد غيره.
لابنزين .. لاكهرباء .. لاماء .. ولاهاتف!!!
لم أصدق أبي عندما كنت استهجن رجوعه الى مايسميه “الوطن”، كنت أرى ان أي مكان يحترم الحرية جدير بأن يكون الوطن.
قال لي: حتى العلماء لامكان لهم في أمريكا، وسوف يتخلصون منهم فور انتهاء مصلحتهم وانتهاء صلاحيتهم!.
لم أفهمها ذلك الحين، لاني لم اكن اريد ان أفهمها .. وكنت اراه –أبي- ورفقائه قوميون تغلب عليهم مشاعر الانتماء والشعارات الوطنية المزيفة.
لكنها أمريكا التي جعلتني أؤمن وأفهم اكثر مما ينبغي، وعلى طريقتهم .. بالاساليب العملية لا النظرية.
ما فعلتيه ياأمريكا لاتستطيع حروف الكون ان تدونه، ولن اكلف نفسي عبء التنديد والتعديد والاستهجان …
أن ارواحنا قد غادرت منذ زمن طويل .. حتى من قبل ان نتعرف عليك!!!.
أني انتظر ..
فلم اعد اؤمن بالمحاكم الدولية ولا المؤسسات الانسانية ولا المظاهرات والانقلابات العسكرية ولا ديمقراطيتكم الفاشية.
انتظر يومآ تشخص فيه الابصار مهطعين مقنعي رؤسهم لايرتد اليهم طرفهم وافئدتهم هواء.
يوم لامجال لانسان ليقول ولا لسان لينطق ولا نفاق ليستحوذ ولا كذب ليعلو ..
أنتظر .. لأشهد مصير من انتهكوا اعراض الناس وسفكوا دماء الابرياء وقتلوا الاطفال وزرعوا الارض قنابل وجراثيم وسموم وهدموا الاثار والمساجد والمنازل وقلعوا الاوطان من جذورها ورموا أهلها في مزبلة الحياة واكرموا السفهاء والجاهلين والفاسقين وعاثوا شرقآ وغربآ، شمالا وجنوبآ في كل الحضارات والقارات يملؤن الارض قتلآ وظلمآ ومزيدآ من الطغيان.
نحن على موعد قريب وان طال الزمان.
مقال سابق: عاصفة النار والعار