يمر الوقت سريعآ حادآ كالسيف.
ألاحقه بأنفاس لاهثة وعين مغشية، أركض بما أؤتيت من بأس لأمسك بتلابيبه وأجثو أمامه أن يتوقف ويتريث قليلا.
قليلآ ..
لكي أراها أقبل يديها وقدميها أمسح على صدرها وأتنفس رائحتها.
في غرفة غريبة لا أعرفها وليس فيها أغراضها الجميلة، سرير بارد وممرات موحشة وعيون كثيرة تملأها الحيرة والخوف، تقطر دمآ ووحشة.
أين هي؟
صوتها مخنوق وعينيها الساحرتين غائرة وأنفاسها كأن جبال شاهقة تجثم على صدرها وتكتم أنفاسها.
وجعك وجع ياروح الروح.
أنفاسي تتضايق وضربات قلبي تتسارع حتى تكاد تفلت من بين ضلوعي، عيني جامدة والكلمات تفر وتهرب .
قومي معي نشرب الشاي معآ فأن له مذاقآ لايكون الا معك، أخبريني بلهفة عن كتابك الاخير، أستمع اليك بأنبهار ومتعة ليس في القصة ولكن أعجابآ بثقافتك وشغفك وكأنك مكتبة عملاقة ونبع ثقافي لاينضب.
هبة وهيبة في حضورك أينما تحلين وفي أي مجلس تكونين.
أريد أن أقص عليك آخر كتبي والكثير من الاخبار التي لم أقلها لك.
دعيني أتابع بصمت حركاتك وسكناتك وروتين حياتك الرائعة.
لم أعرف أحدآ أحب الحياة كما هي بلا رتوش ولا أصباغ ولاتكلف وتصالح معها بكل قسوتها وبساطتها كما فعلت أنت.
هذا لان أسمك معناه الحب ويقولون أن لكل أنسان نصيب عظيم من أسمه.
لم أعرفك تشكين او تتذمرين او تضجرين او تتكاسلين او حتى تملين.
فسبحان الذي أقعدك وطرحك في هذا الفراش.
وحتى فوق هذا الفراش ترفضين الشكوى وتؤثرين الصمت والرضا.
أسألك ماذا تشكين وانت في قمة الالم فتبتسمين بشفاه ذابلة وتقولي أنا بخير.
أنت نور سيبقى يضيء دروبنا وأنت فراغ لن يملأه أحد وأنت قطعة من الروح سبقتنا الى نعيم الله بأذن الله.
لقد تدربت في ساحة الابتلاءات في عمر مبكر، فشلت في كثير من الاختبارات التي لم أكن مهيأة لاجتازها، كنت أسقط مرة تلو الاخرى وكلما نهضت بارزتني الحياة وأوقعتني مرة أخرى.
ليس هذه المرة.
لن أسقط.
قلبي صار بعيدآ بين الغيوم وروحي تسبح معك في ملكوت رباني ومركبي سيظل صامدآ لاجلك.
هدوء صاخب مطعم بمرارة حارقة.
الاثنان يتصارعان .. ولا أحد يغلب.
هدوء ومرارة.
أنه الاستسلام بلا جزع .. وحزن بلا كلام .. وجرح بلا دم .. وعذاب بلا تذمر.
أنه برد يقهر النار.
وذكريات بعدد أيام عمري تمر كشريط سينمائي أمام ناظري قد لايكفيني ما تبقى من أيامي لمتابعته.
أنه الحب.
أعظم درجات الحب لرب به أمنت وبقضاءه رضيت.
أرحلي يا أمي بروحك الطاهرة ونفسك المطمئنة وأرجعي الى ربك راضية مرضية.
أنا لله وأنا اليه راجعون
مصابنا عظيم بك أمي وفاجعتنا لن يمحيها الدهر وآلامنا لاتعريف لها بمعاجم الالم.
لكنه الله وأمام أمر الله لانملك الا ننحني أكبارآ وأجلالا أيمانآ وتسليمآ سمعآ وطاعة.
لله الحمد
على ما أخذ وأعطى
وكل ما أولى وتولى.