رجل تحت الصفر by مصطفى محمود
My rating: 5 of 5 stars
للكتب التي تصطحبني في السفر مذاق آخر، ولهذا الكتاب خصوصية أضافية كونه هدية من شخص عزيز.
كان حصيلة رحلتي الطويلة من تورونتو الى أسطنبول متجهة الى أبو ظبي.
قرأت كل كتب مصطفى محمود ولم يخيبني بأي من أعماله.
والحقيقة أنه يصعب أن لم يستحيل أن تعجبك أعمال كاتب بنفس الدرجة والانبهار.
أعماله مزيج خارق من الخيال العلمي والحوارات الفلسفية بنكهة روحانية وأسلوب أدبي لايخفى على أحد.
شدني بأول صفحة عندما قرر أن ياخذني برحلة تخترق الزمان والخيال الى العام 2067، لوهلة ظننت أن التعب يغلبني وأني قرأت التاريخ خطأ، لكن عندما أعدت قراءته أعتقدت أن هناك خطأ مطبعي في الكتاب.
كانت الاحداث تمر بسرعة شديدة تلائم وسرعة التطور العلمي والعقلي في ذلك المستقبل البعيد القريب والذي أطلق عليه أسم زمن العلم والنور والحرية.
أنظر الى مسار الطائرة في الشاشة الصغيرة أمام مقعدي وأدرك بأننا فوق الدمام، ساعة ونص للوصول الى ابو ظبي.
أرجع الى عام 2067 ومناخها الذي تجاوز بالعلم حدود العقل والارادة والادراك.
في كل أعماله يخاطب مصطفى محمود شريحة مختلفة غالبآ مادية أقرب للالحاد وبعيدة عن الله.
في رجل تحت الصفر كان العالم المفكر الحائز على أرفع الجوائز وواحد من ثلاثة ممن يحمل جائزة نوبل للسلام والاستاذ الجامعي في كامبردج وممن ذاع صيته في الاوساط العلمية والمحافل الدولية.
تملكني شوق ورغبة شديدة من فوق الغيوم في خوض تجربته العلمية التي تحول الجسد الى موجة تفوق سرعتها سرعة الضوء لتخترق الكواكب والمجرات وتصبح قادرة أن ترى في باطن الشمس لشفافيتها الشديدة حيث عالم اللامكان واللازمان عالم الجمال المطلق والحب المطلق رجوعآ الى عالم الفطرة الاولى.
ثم أرجعتني الى الواقع زوجته التي أحبته الى درجة العشق ولكنه عشق علمه وأبحاثه وآثر الكواكب والنجوم على مدار قلبها وجاذبيته متجاهلا الحقيقة الوحيدة التي لم يستطع العلم أن يصل اليها ويتدخل في تركيبها فبقيت على فطرتها البدائية الغامضة حتى اليوم ولاخر يوم.
الحقيقة التي فاقت قوتها طاقة الذرات والنيوترونات وجميع القوى الكونية، تركها معظم البشر وصار يبحث عن المعجزات والحقائق في الكون والطبيعة في الخارج بعيدآ جدآ عن أعظم قوة وابلغ أعجاز يسكن في الداخل ويشكل المكونات والعناصر الاساسية لكل روح.
ذرات الحب.
ومع نهاية الكتاب كنا قد اقتربنا من مطار أبوظبي بنصف ساعة أستعداد للهبوط بعد رحلة شاقة وممتعة للغاية.